لازلنا نتحدث عن الأمن المعلوماتي ودوره الذي أصبح في منتهى الخطورة هذه الأيام، فما بين التلاعب في انتخابات دول عظمى واختراق كبار القوم في عالم التكنولوجيا وسرقة بنوك ومنصات تداول على الإنترنت، تتجلى لنا حقيقة مؤكدة هي أن الحرب العالمية الثالثة سوف تكون حربًا إلكترونية بالدرجة الأولى، وقد تعرفنا في موضوع سابق على من يسيطر على الإنترنت، وتعرفنا على منظمة ICANN التي تنظم عناوين المواقع على الشبكة العنكبوتية، وتحدثنا كذلك عن قلق الكثير من الدول الكبرى من السيطرة الأمريكية على الإنترنت، وحاليًا هناك دول تحاول اتخاذ خطوات تجاه تلك السيطرة وعلى رأسهم روسيا التي تحاول إنشاء شبكة إنترنت مستقلة مع مجموعة دول تخوفًا من أي هجمات قد تتعرض لها.
** منذ زمن طويل وهناك تخوف لدى الكثير من الحكومات من التوغل الهائل للإنترنت في كافة مفاصل الدولة، فنجد أن الإنترنت يقوم عليه قطاعات رئيسية في كافة دول العالم النامية منها والمتقدمة بدرجات متفاوتة، وبسبب ذلك فإن أي هجمات قد تحدث على أي دولة أصبحت لا تتطلب تحرك قوات عسكرية، الأمر الآن أصبح عبارة عن مجموعة ضغطات تتم من خلف شاشة صغيرة قد تسبب انهيار حكومات وإفلاس دول بأكملها، ونظرًا لخطورة هذا الأمر نجد دولاً كثيرة تحاول عزل نفسها بقدر الإمكان عن الشبكة العنكبوتية كالصين وكوريا الشمالية على سبيل المثال، ولكن الفكرة الجديدة حاليًا هي التوجه نحو إقامة شبكة إنترنت مستقلة عن الشبكة الأم، بحيث يمكن تفادي أي هجمات إلكترونية تتم من خلالها **
- قبل أن تفكر روسيا في إنشاء شبكة إنترنت مستقلة حاولت مع الصين على الحصول على مزيد من السيطرة على نظام DNS "نظام أسماء النطاقات" وهو النظام الذي يقوم بتخزين معلومات أسماء نطاقات المواقع على الإنترنت في قاعدة بيانات لا مركزية، وهذا النظام كان يتم إدارته من قِبل الاتحاد الدولي للاتصالات، ولكن مع تزايد ضغوط تلك الدول للحصول على سيطرة أكبر على النظام بحجة حماية الأمن الوطني، لجأت الولايات المتحدة إلى طريقة أخرى لضمان حياد هذا النظام من سيطرة الحكومات حيث أعلنت أنها سوف تمنح السيطرة على نظام DNS إلى منظمة دولية غير حكومية لكي تدير هذا النظام بعيدًا عن أي سلطة حكومية، وقد تم إطلاق اسم "ICANN" على تلك المنظمة ، وبهذا الأمر أصبح هذا النظام على الحياد ولا يحق لأي دولة المطالبة بسيطرة عليه بحجة حماية الأمن القومي أو غيره.
- وبعد فشل روسيا في الحصول على سيطرة على نظام DNS، فإن السبب الأول لإنشاء شبكة مستقلة أو كما هو مُعلن من قبل إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو حماية أمن مواطنيها نظرًا لزيادة المخاطر والهجمات التي قد تشنها دول أو جماعات عبر الإنترنت، وكذلك تعاظم القوى التكنولوجية للدول الأوربية وأمريكا وزيادة قدراتهم على القيام بهجمات تشكل تهديدًا للأمن القومي الروسي، بالإضافة إلى ذلك فإن تلك الشبكة لن تضم روسيا فقط وإنما سوف تضم بعض حلفائها أو ما يُطلق عليه حلف "BRICS" ويشمل هذا الحلف دول "البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا"، ولكن ربما ليس هذا هو السبب الوحيد لذلك فحسب موقع DefenseOne أن هذا الأمر قد يعطي حرية أكبر لروسيا لشن هجمات قرصنة بشكل أكبر، بالإضافة إلى التخلص من التبعية لشبكة الإنترنت التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية والتي وصفها بوتين بأنها "CIA Tool" أي أداة تجسس في يد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وتعتبر روسيا من أكثر الدول صرامةً في التعامل مع الإنترنت حيث أنها تفرض الكثير من القيود على الشبكة مثل مراقبة المنشورات على مواقع التواصل واعتقال بعض من قادة الرأي على الشبكة، بالإضافة إلى حجبها خدمات VPN التي تهدف إلى حماية المستخدمين من تعقب الأفراد والحكومات لنشاطهم على الإنترنت.
- وفقًا للفكرة التي سيتم استخدامها فإنه سيتم التفاوض بين دول "BRICS" على قاعدة أسماء نطاقات مستقلة، وسوف يضم هذا النظام قاعدة بيانات عالمية لعناوين IP والمضيف الخاص بها، وسوف يحمي هذا النظام الدولة المُستخدمة من القطع المتعمد للإنترنت مثل ما حدث في سوريا وكوريا الشمالية والذي كانت ورائه الولايات المتحدة كما يعتقد البعض.
- روسيا ستعتمد في الشبكة الخاصة بها على جذر الإنترنت الرئيسي، حيث تعتمد كافة الاتصالات على الإنترنت بين الأجهزة على 13 خادم لنظام DNS، يقع 10 منهم في الولايات المتحدة والثلاثة الآخرين في هولند واليابان والسويد، وكان لدى الولايات المتحدة الإشراف على النسخة الرئيسية للنظام "The A Root Server" قبل أن يتم تسليم الإشراف عليه إلى هيئة "ICANN" والتي تسيطر عليه حاليًا ويقع مقرها في كالفورنيا.
- أجمع الكثير من الخبراء على أن إنشاء مثل هذه الشبكة سوف يكون صعب الاستخدام، كما أن الأسباب ورائه غير مقنعة حيث أنه لا توجد دولة تمتلك القدرة على الوصول إلى النسخة الرئيسية من نظام أسماء وعناوين النطاقات "DNS Master Copy" والتي وحتى إن استطاعت دولة السيطرة عليها فإنها لا يمكنها حذف الملفات الخاصة بنطاق معين مثل نطاق ru. الخاص بروسيا لن يكون له أي قيمة حيث أن هذه الملفات لاتزال موجودة على خوادم أخرى مثل خوادم Anycast على سبيل المثال، كما أكد David Conrad رئيس قسم التكنولوجيا في ICANN أنه "لا يوجد مفتاح للإغلاق" وذلك ردًا على نظرية أن الولايات المتحدة قد تجبر هيئة آيكان على التأثير على نطاق المستوى الأعلى الخاص بأي دولة.
- وبالتالي نجد أنه من الممكن أن تكون نية روسيا من وراء ذلك لها أهدافها الخاصة والتي لم تعلنها ولكن هي معروفة للجميع، على أي حال سوف ننتظر تأثير هذه الخطوة والتي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2018 وسنرى إن كانت هذه الشبكة سوف يكون لها تاثير على الشبكة العنكبوتية الأم.
* يُمكنكم أيضًا مشاهدة:
- إنترنت الأشياء بين الواقع والخيال
- هل يجب أن نخشى الذكاء الاصطناعي؟
- الذكاء الاصطناعي قد يسبب حرب عالمية ثالثة
- لغز Cicada 3301 أخطر قصص الإنترنت المظلم
- تعرف على الجانب المظلم من الإنترنت Dark Web
- إدوارد سنودن العميل الذي فضح الاستخبارات الأمريكية
كيف حاولت روسيا التخلص من السيطرة الأمريكية على الإنترنت؟
لماذا تسعى روسيا لإنشاء شبكة إنترنت مستقلة؟
كيف ستتمكن روسيا من إنشاء شبكة إنترنت مستقلة؟
- روسيا ستعتمد في الشبكة الخاصة بها على جذر الإنترنت الرئيسي، حيث تعتمد كافة الاتصالات على الإنترنت بين الأجهزة على 13 خادم لنظام DNS، يقع 10 منهم في الولايات المتحدة والثلاثة الآخرين في هولند واليابان والسويد، وكان لدى الولايات المتحدة الإشراف على النسخة الرئيسية للنظام "The A Root Server" قبل أن يتم تسليم الإشراف عليه إلى هيئة "ICANN" والتي تسيطر عليه حاليًا ويقع مقرها في كالفورنيا.
هل إنشاء شبكة إنترنت مستقلة سيفيد روسيا والدول المستخدمة؟
- وبالتالي نجد أنه من الممكن أن تكون نية روسيا من وراء ذلك لها أهدافها الخاصة والتي لم تعلنها ولكن هي معروفة للجميع، على أي حال سوف ننتظر تأثير هذه الخطوة والتي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2018 وسنرى إن كانت هذه الشبكة سوف يكون لها تاثير على الشبكة العنكبوتية الأم.
* يُمكنكم أيضًا مشاهدة:
- إنترنت الأشياء بين الواقع والخيال
- هل يجب أن نخشى الذكاء الاصطناعي؟
- الذكاء الاصطناعي قد يسبب حرب عالمية ثالثة
- لغز Cicada 3301 أخطر قصص الإنترنت المظلم
- تعرف على الجانب المظلم من الإنترنت Dark Web
- إدوارد سنودن العميل الذي فضح الاستخبارات الأمريكية